خلوة ” الجبهة اللبنانية ” في إهدن

و بتاريخ ٢٥ آب عقدت ” الجبهة اللبنانية ” خلوة في إهدن، وكانت أصداء المجازر ضد المسيحيين تتردد في كل لبنان، بعد حوادث الشوف إثر اغتيال المرحوم كمال جنبلاط التي ذهب ضحيتها ما يزيد على المئة قتيل، وحادثة بلدة “بلا” في الشمال قبلها، وسقوط عدد من ابنائها ضحايا القصف الهمجي من قبل ” قوة الردع العربية ” وتدمير كنيستها و منازلها، الى مجزرة بلدة ” بريح ” في الشوف حيث دخل مسلحون دروز الكنيسة و أطلقوا الرصاص على المسيحيين فيها، ثم قرى ” بسابا ” و “المطلة ” و “مزرعة الضهر”، حيث سقط عشرات القتلى والجرحى. وقد حضر الخلوة : الرئيس سليمان فرنجية، والشيخ بيار الجميل، والأباتي شربل قسيس، والأرشمندريت سمعان عبد الأحد، والنائب ادوار حنين، والدكتور شارل مالك، والدكتور فؤاد افرام البستاني، والأستاذ جواد بولس، والشيخ قبلان عيسى الخوري، والسادة: دوري شمعون وجوزف أبو خليل وموسى برنس وهنري طربيه وجان نفاع.

وعلى أثر الإجتماع طلع النائب حنين البيان الآتي: “صباح اليوم الخميس الواقع فيه ٢٥ آب ١٩٧٧، في بيت فخامة الرئيس فرنجية في اهدن، وقبل الدخول في الخلوة التي حضر لها المجتمعون لأجلها، عقدت الجبهة اللبنانية بكامل هيئتها إجتماعاً إستثنائياً طارئان وأعلن في نتيجته البيان الآتي:

تذكر الجبهة اللبنانية السلطات اللبنانية القائمة بموقف الجبهة وبموقف هذه السلطات من الحوادث البشعة الغادرة التي عقبت مقتل كمال جنبلاط والتي كانت حصيلتها ١٤٣ ضحية بريئة، خصوصاً مطالبتها بأن تجري أفعالاً جنائية قائمة بذاتها تعود المحاسبة عليها إلى القضاء.

وهي تذكر بكل البيانات والمراجعات التي قام بها أعضاء الجبهة المسؤولين في صدد تسريع الملاحقات القضائية ليكون العدل. غير أن الناس إنذهلوا أمام فاجعة من أبشع الفواجع التي وقعت في تاريخنا الحديث، الأمر الذي جرّ إلى حوادث دامية أخرى أهمها حادثة بريح التي نحن في صددها.

والآن على باب هذه الخلوة التي جاءت الجبهة تعقدها في اهدن تعلن أن فاجعة بريح لا تقل بشاعة عن سابقتها ولا عن أبشع الفاجعات البشعة، بسبب المكان المقدس الذي حصلت فيه وبسبب المصلين الأبرياء الذين سقطوا برصاص الغدر والإغتيال.

وتعلن الجبهة حرصها الشديد على إستمرار التجذر المسيحي في الشوف وتعزيزه وتقوية طاقاته.

وهي تعلن أنها تعتبر هذه الفاجعة جريمة وتحدياً وخرقاً للمواثيق.

أما الجريمة فعلى السلطات، في الحال، أن تدين اصحابها. وأما التحدي فقد عزمت الجبهة على التصدي له بحزم وبكل وسائلها. وأما المواثيق فلن تقبل الجبهة بأن تخرق من جانب واحد.

لذلك، وبعدما قررت الجبهة إختصار مدة خلوتها، أقسم المجتمعون على الانتقال الى تنفيذ مقرراتهم المتخذة في هذه الجلسة الاستثنائية.

كما قرر المجتمعون إستدعاء رؤساء القوات اللبنانية وأركانها إلى حضور الإجتماع الذي ستعقده الجبهة خصوصاً لمواجهة حوادث الشوف برمتها، وذلك في الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الجمعة ٢٦ آب، وفي مكان الخلوة”.

وفي ٢٧ آب، ختمت الجبهة اللبنانية خلوتها في جو اتسم بالجدية والحزم في مواجهة الأمور السياسية والأمنية والوطنية والإقتصادية. وأصدرت بياناً تاريخياً حددت فيه موقفها الثابت من القضية اللبنانية.

– وهنا نص البيان الذي تلاه أمين عام الجبهة الأستاذ ادوار حنين في مؤتمر صحافي:

نص بيان الجبهة

“إن الجبهة اللبنانية،

“في ختام خلوتها المنعقدة منذ صباح الخميس ٢٥ آب ١٩٧٧ في منزل الرئيس سليمان فرنجية في اهدن، مجتمعة في الساعة التاسعة من يوم السبت هذا، برئاسة فخامة الرئيس كميل شمعون، وبحضور الرئيس فرنجية والشيخ بيار الجميل، الأباتي شربل القسيس، الأرشمندريت سمعان عبد الأحد، جواد بولس، شارل مالك، فؤاد افرام البستاني، الشيخ قبلان عيسى الخوري، رئيس الجبهة الوطنية في الشمال، هنري طربيه، جان نفاع، دوري شمعون، جوزيف أبو خليل، موسى برنس، وإدوار حنين.

“تعلن البيان التالي:

لقد كان متوقعاً أن تعقد الجبهة خلوتها الثانية هذه الموعودة في بيان سيدة البير قبل هذا التاريخ وفي شكل موسع، متابعة للمسيرة التي خطتها لنفسها في طريقها إلى إنشاء لبنان المنتظر

“غير أن عوائق ناتجة بمعظمها عن وجود الغرباء على أرض لبنان وعن الأوضاع غير المستقرة خارجية وداخلية، حملت الجبهة على التمهل في طريق المخارج والحلول التي تنشد من أجل أن تأتي اعمالها حرة صافية الوحي محكمة الوضع كما تريدها أن تكون.

“على أن تحسس الجبهة بالواجب الملقى على عاتقها، وعزمها على أداء الخدمة التي ندبت نفسها لها، حملا اعضاءها إلى التداعي لخلوة مصغرة تنظر فيها الأمور التي باتت تتأذى من طوال إنتظار. فأقروا في اثنائها ميثاق الجبهة ونظامها المنتظرين. ثم توافقوا على وضع الخطوط الأساسية في بناء لبنان الغد.

“أما الميثاق والنظام فيجري اعدادهما للنشر فوراً. وأما خطوط لبنان الغد فلن تنشر إلا في الأجواء التي تناسب جلالها.

“كما قرر المجتمعون أن يقفوا من كل ما يبحثه الآخرون ويعرضونه في هذا الصدد موقف الرفض أو القبول بنسبة ما أن يكون الأمر المبحوث متوافقاً مع المبادئ التي جعلتها في أساس بنائها. فعينت الجبهة من أجل ذلك لجنة من الإختصاصيين لدرس كل هذه الأمور وتقويمها في ضوء ما يناسب خطتها وما لا يناسب.

“وبعد إن إستعرض المجتمعون شؤون الساعة واستعدوا تلاوة بيان سيدة البير وكرروا اتفاقهم على كامل مضامينه، قررت الجبهة:

” ١- الموافقة على الأمور التي بسطها امامهم القواد الذي استُدعوا للمشاورة بشأن الشوف.

” ٢- لفت نظر السلطة إلى المآسي التي تجري في الجنوب.

” ٣- الأصرار على وجوب نشر إتفاقية شتورة لتتمكن الجبهة من درسها بنداً بنداً وكلمة كلمة.

” ٤- التحذير من تهجير الأهلين المخطط له منذ بدء الحوداث والذي يجري اليوم على أشده في الجنوب سواء في القرى المسيحية أم في القرى الشيعية أم المختلطة منها.

“وتتساءل الجبهة: لمصلحة من يفتعل هذا التهجير؟

” ٥- إلقاء مسؤولية الحوادث في الجنوب ومسؤولية التهجير الذي افضت الحوادث إليه على عاتق الفلسطينيين الذين يعرقل وجودهم، بالإضافة إلى كل ما ذكر، تحرك الإقتصاد الوطني الذي تحرص الجبهة على ابقائه حراً منظماً بعد أن إنهار بسبب الحوادث الأمر الذي يعزز مطالبتها بضرورة توزيع الفلسطنيين المقيمين على أرض لبنان، أفي الجنوب كانوا أم في غير الجنوب، على الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية.

” ٦- تهب الجبهة بالمسؤولين أن يحققوا في حركة البواخر التي تولي إنزال السلاح والذخيرة في مرفأ صور.

” ٧- توعية المسؤولين عن قوات الردع التي حققت أمراً نبيلاً على حالات باتت تتكرر كل يوم.

” ٨- تلفت الجبهة إلى أن اللبنانيين بعدما يقارب السنة من دخول قوة الردع إلى لبنان لم يتساووا بعد بالفلسطينيين.

” ٩- وقد قررت الجبهة إلى جانب ذلك تحضير نداء تتوجه به إلى الرأي العام العالمي بموضوع ما جرى وما لا يزال يجري على أرض لبنان، وعاقبة كل ذلك.

” ١٠- موجهة الحالة الإقتصادية التي ما برحت تتخبط فيها البلاد لمنع نزف إنسانها بسبب الهجرة ونزف مالها بسبب الجمود الاقتصادي.

” ١١ – توثيق الروابط بين الجبهة وبين اللبنانيين الما وراء البحار توصلاً إلى تمتيع هؤلاء بكامل حقوقهم السياسية والى اشراكهم في جميع نشاطات البلاد وبخاصة الثقافية والإقتصادية والأمنية اشراكاً فعلياً.

” أيها اللبنانيون

“لم يكن ليدور في خلدنا أن إستعادة العافية بعد إلقاء السلاح ستكون بمثل هذا التباطؤ الذي يشبه الجمود.

“وعين جبهتكم لن تغفل.

“كلكم، كلنا على البلاد خفير.

“كونوا متيقظين”.

كميل شمعون         سليمان فرنجية

بيار الجميل         الأباتي شربل قسيس

اهدن 27 آب 1977

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *