بلدان المشرق العربي

منذ الإسلام

موجز تاريخي مقارن

  • المنعطف التاريخي الثاني

دولة الخلفاء العباسيين في بغداد، حتى إستقلال وادي النيل (٧٥٠ – ٨٧٢).

دولة ايرانية إسلامية سنية آسيوية، لغتها الرسمية والأدبية العربية، عاصمتها بغداد محورها العراق واتجاهها نحو إيران والعالم الآسيوي.


لقد بينا في جزء سابق من هذه المجلة (الجزء الثاني)، وفي كلامنا على دولة الخلعاء الأمويين في دمشق، إن هذه الدولة هي عربية إسلامية، وعربية أكثر منها إسلامية، عاصمتها دمشق محورها سورية واتجاهها، نحو عالم شرقي البحر المتوسط.

١دولة الخلفاء العباسيين في بغداد، حتى إستقلال وادي النيل (٧٥٠-٨٧٢)

والآن، وبصدد دولة الخلفاء العباسيين في بغداد، التي خلفت دولة الخلفاء الأمويين في دمشق، فقد إتفق الكتاب والمؤرخون والمستشرقون، الشرقيون والغربيون على أن هذه الدولة، منذ قيامها (٧٥٠) حتى إستقلال وادي النيل سنة ٨٧٢، هي دولة ايرانية إسلامية سنية آسيوية، لغتها الرسمية والأدبية اللغة العربية، عاصمتها بغداد، محورها العراق واتجاهها نحو إيران والعالم الآسيوي، يدير شؤونها، مدنياً وعسكرياً، خلفاء من أصل عربي، وشعوبها أو جماعاتها إسلامية آسيوية، غير عربية وغير متعربة: كالفرس والأتراك وغيرهم.

لقد إختصر هذه الحقيقة الرهينة الكاتب والعالم العربي المعروف الجاحظ (٧٧٦- ٨٦٨) بقوله: “ودولة بني مروان (أي الأمويين) عربية اعرابية، ودولة بني العباس أعجمية خراسانية” (أي فارسية ايرانية).

ويقول المؤرخ والمستشرق ده موميين: “انتهت المملكة العربية” بانتهاء الخلافة الأموية. وفي الوقت ذاته، فقدت سورية سيطرتها التي مارستها طوال قرن على الشرق الإسلامي… وهذا التغير… كان واضحاً بسبب إنتقال العاصمة من دمشق إلى العراق. فقد كان الخلفاء الأمويين يهتمون بأمور البحر المتوسط… فتحولت الخلافة العباسية للتطلع نحو الشرق، وغدت بذلك خلافة آسيوية كلياً… وغدت بغداد سوقاً رائعة على طريق الهند”.

من جهة أخرى، وخلافاً للدولة العربية الأموية حيث “طغى الزمني على الروحي” كانت الدولة العباسية سلطة إسلامية ايرانية آسيوية، تشدد على سلطة الخليفة الروحية، “وقد انتصرت بانتصار العباسيين الفكرة الإيرانية الداعية للإتحاد التام بين الدين والدولة”. وبالتأكيد، كان أتباع الخليفة العباسي عرباً بالدين واللغة، ولكنهم لم يكونوا من عرب الجزيرة العربية، بل من الموالي القدماء المستعربين”.

فور قيام دولة الخلفاء العباسيين، سنة ٧٥٠، كانت عاصمتها الأولى مدينة الكوفة، في العراق، على أحد فروع نهر الفرات. إن الكوفة كانت عاصمة العراق في عهد الخلفاء الأمويين العرب في دمشق، بسبب قربها إلى البادية السورية العربية، موطن القبائل العربية الرحل. وفي سنة ٦٣٨، كانت الكوفة مركز إقامة الإمام علي بن ابي طالب (٦٥٦ – ٦٦١)، رابع الخلفاء الراشدين، الذي قتل في الكوفة عن يد أحد الخوارج من انصاره السابقين. وبسبب كون مدينة الكوفة عربية أكثر من عراقية أو ايرانية، وإن سكانها كثيرو الحركة والحماسة وغير مخلصين للعهد العباسي الجديد المناوئ للعرب، إنتقل منها مركز الخلافة العباسية، في عهد الخليفة المنصور، سنة ٧٦٥، إلى قرية مسيحية صغيرة على نهر دجلة، تدعى بغداد، بالقرب من خرائب كتازيفون، العاصمة القديمة للفرس في العراق منذ ٥٥ قبل الميلاد، في عهود الفرس الإرزسين والفرس الساسانيين، والتي هدمها القائد العربي خالد بن الوليد، عند الفتح العربي الإسلامي للعراق، سنة ٦٣٧. أما خرائب كتازيفون، فقد ساهمت، سنة ٧٦٥، في بناء بغداد وتجميلها، وهي العاصمة العباسية الجديدة، التي سميت رسمياً “مدينة السلام”، إلا أن هذا الإسم الرسمي والطنان لم ينجح في إمحاء الإسم الشعبي “بغداد”، وهو كلمة فارسية ومعناها “عطية الله”، وقد بقي قائماً حتى اليوم.

وكانت بغداد، في عهد الخلفاء العباسيين الأول، منارة للفكر ومركزاً للعلم والثقافة. وفي بغداد أساس الخليفة المأمون، سنة ٨٣٠، مركزاً للترجمة سمي “دار الحكمة” أو “بيت الحكمة”. وبفضل هذا المركز، وصلت إلينا، مترجمة إلى اللغة العربية، مخطوطات يونانية مفقودة بلغتها الأصلية (اليونانية).

الإيرانيون الخراسانيين المسلمون

ابطال الثورة العباسية على الأمويين العرب

إن الذي قاد ثورة الإيرانيين الخراسانيين المسلمين على دولة الخلفاء الأمويين العرب وانتصر على قوتهم العسكرية، كان، كما ذكرنا، رجلاً إيرانياً مسلماً، من خراسان ، في شمالي إيران، هو أبو مسلم الخراساني. نذكر القارئ بأن الخراسانيين هم ايرانيون مسلمون من طبقة “الموالي” في زمن الدولة الأموية، أي أنهم مسلمون غير عرب. وبهذه الصفة لم تكن لهم، فعلياً، حقوق المسلمين العرب في عهد الأمويين، أسياد الدولة العربية الاسلامية الاموية.

ففي سنة ٧٥٠ ميلادية، كما ذكرنا، ثار الخراسانيون الإيرانيون على الأمويين العرب وانتصروا على جيوشهم. فقتلوا الخليفة الأموي مروان الثاني (٧٥٠)، ونادوا بأبي العباس، من أحفاد العباس عم النبي، خليفة رسول الله وأمير المؤمنين. واحتل دمشق عبدالله بن علي، عام الخليفة الجديد. فهدم منها القصور والأبنية الأموية والتحصينات الدفاعية، وقتل أفراد الأسرة الأموية، ورمى جثثهم في الشوارع. وانتهك قبور الخلفاء السابقين. وقد تمكن أحد الأمراء الأمويين، الأمير عبدالرحمن الأول، من الفرار إلى المغرب (٧٥٦)، حيث شيد إمارة أموية (٧٥٦) تحولت إلى خلافة أموية سنة ٩٢٩، في عهد الخليفة الأموي عبدالرحمن الثالث (٩١٢ – ٩٦١). وهذه الخلافة الأموية في إسبانيا زالت سنة ١٠٣١.

الأسباب الرئسية لإنتصار الخراسانيين على العرب الأمويين

إن الجامعات التي تحدرت من أولئك العرب الذين نزحوا من الجزيرة أبان الفتح الإسلامي وبعده، وأقامت أكثر من مائة عام في البلدان المفتوحة، أصبحت، سنة ٧٥٠، وبتأثير عوامل الزمن والبيئة، مطبوعة بطابع سكان البلاد الأصليين جسداً وروحاً. فالعربي أصبح سورياً في سورية، وعراقياً في العراق، ومصرياُ في مصر إلخ. ولما كانت هذه البلدان قد تعربت واعتنقت الإسلام تدريجياً، كانت النتيجة أن العرب المنتمين أصلاً إلى الجزيرة لينتهم الحياة الحضرية والرفاهية والغنى، منذ قرن تقريباً في البلدان التي فتحوها ففقدوا حكماً اطباع أجدادهم الرحل، ودب النزاع بينهم. ولما اصطدموا بشعب جبلية وفقيرة، كالايرانيين والخراسانيين والأتراك، الذين اعتنقوا الإسلام حديثاً كانت الغلبة لهؤلاء.

٢. الرابطة الدينية الإسلامية

تحل محل رابطة اللغة والثقافة العربية

في البلدان المتعربة

إن تاريخ الشرق العربي والمتعرب، منذ الأصول حتى سقوط الدولة التركية العثمانية، يتميز بثلاث مراحل: المرحلة الأولى مرحلة عربية، هي مرحلة الجزيرة العربية قبل الإسلام (… – ٦٢٢ بعد الميلاد). والمرحلة الثانية، عربية أيضاً، هي مرحلة الجزيرة العربية في العهد النبي محمد، مؤسس الإسلام، وفي عهود خلفائه الراشدين في المدينة، والأمويين في دمشق (٦٢٢ – ٧٥٠). والمرحلة الثالثة (٧٥٠ – ١٩١٨) إسلامية، بدأت في فجر عهد الخلفاء العباسيين في بغداد. وفيما زالت سيطرة عرب الجزيرة على البلدان التي فتحوها بسيوفهم في خارج جزيرتهم، وانتقلت السلطة إلى مسلمين غير عرب وغير مستعربين في بلدان المشرق. ولم تنته هذه المرحلة إلا بانتهاء الدولة التركية العثمانية سنة ١٩١٨.

منذ سقوط دولة الخلفاء الأمويين حتى سقوط الدولة التركية العثمانية، أي من ٧٥٠ إلى ١٩١٨، تعاقب على الحكم، في دولة أو دويلات بلدان الشرق العربي، باستثناء الجزيرة العربية، العديد من الحكام المدنيين والعسكريين المسلمين غير العرب والمتعربين، كالفرس والأتراك والأكراد والبربر والمماليك والشركس والعثمانيين وغيرهم.

وفي تعاقب الأجيال العديدة المادية فقدت كلياً تقريباً روح الوحدة، أو الرابطة اللغوية والثقافة العربية في مختلف الشعوب المتعربة في الشرق الإسلامي، كالمصريين والسوريين واللبنانيين والفلسطينيين والعراقيين وغيرهم، والخاضعة دوماً تقريباً لشعوب إسلامية غير عربية، وحلت محلها الوحدة أو الرابطة أو الأمة الإسلامية. ومع مرور الزمن على هذه الحالة، أصبح الحكام المسلمون غير العرب (اتراك إيرانيون اكراد برابرة وغيرهم) بنظر الشعوب العربية أو المتعربة المحكومة، أسياداً شرعيين وقوميين ووطنيين، بسبب كونهم مسلمين، باعتبار أن الإسلام يمثل القومية والوطن: فالأمة والوطن والقوم، في بلدان الشرق، كانت، ولا تزال، أموراً اساسها الدين.

ومن المفيد أن نذكر بأن فكرة الوحدة السياسية، في العالم العربي الحديث، على أساس رابطة اللغة والثقافة العربية، لم تظهر للوجود، علمياً وبصورة جدية، إلا في زمن حديث نسبياً، وبالضبط بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى (١٩١٤ – ١٩١٨)، وكان ظهورها رد فعل عربي على إنتداب بعض الدول الأروبية على بعض بلدان الشرق العربي.

٣. دمشق مدينة إقليمية وسورية مقاطعة إدارية

بعد الكارثة التي حلت بالأمويين وأوصلت العباسيين إلى الحكم والخلافة، تحولت دمشق، العاصمة الكبيرة للدولة الأموية السابقة، مدينةً إقليمية بسيطة، وحلت محلها، كعاصمة للخلفاء العباسيين الجديد، بغداد في العراق، وأصبحت سورية ولاية أو مقاطعة إدارية عادية. فسقطت زعامتها السياسية والعسكرية على العالم الإسلامي، هذه الزعامة التي استمتعت بها في ظل الخلفاء الأمويين، واضحة هي نفسها، علاوة على ذلك، إحدى المقاطعات العديدة في الدولة العباسية الواسعة الأطراف، خاضعة سياسياً وعسكرياً لحكومة بغداد ومشككاً في اخلاصها للعهد العباسي، الذي وضع لحراستها ومراقبتها قوات عسكرية آسيوية غير عربية: خراسانيين وفرسان وأتراكاً وغيرهم. وظلت سورية على هذه الحالة، أي مقاطعة إدارية عادية، منذ سقوط الخلافة الأموية (٧٥٠) حتى إستقلال سورية التام في عصرنا الحاضر، سنة ١٩٤٦، باستثناء بعض الأزمنة الموقتة، في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، حيث كانت دمشق، في سوريا الداخلية، قاعدة عسكرية وسياسية إسلامية للجهاد ضد الإمارات الفرنجية والسلبية في فلسطين ولبنان وسورية الشمالية، بزعامة رجال مسلمين بارزين غير عرب، مثل الأمير التركي السلجوقي عماد الدين زنكي، أمير جلب (١١٢٩ – ١١٤٦)، وابنه الشهير نور الدين محمود، سيد حلب (١١٤٦)، ثم حلب ودمشق (١١٥٤ – ١١٧٤). وخلف نور الدين هذا، في دوره، العاهل الكردي الشهير، السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب (١١٧٤ – ١١٩٣)، سيد مصر ودمشق وحمص وحماه (١١٧٤) وحلب (١١٨٧)، كما سنرى في الصفحات اللاحقة، عندما نصل في هذا الموجز إلى زمن الإمارات الفرنجية في بلدان المشرق، في القرنين الثاني عشر والثالث عشر.

٤. عناصر الجيش والإدارة العباسية من السلمين غير العرب

“لم يكن الجيش العباسي يعتمد (كالجيش الأموي) على التنظيم القبلي. فقد كان جيشاً من المأجورين. وبوجه عام، كانت تؤخذ عناصره من غير العرب”، من المرتزقة الإيرانين والأتراك وغيرهم من الآسيويين.

“وكان الخلفاء (العباسيون) يختارون أصحاب الرتب العالية في الدولة من بين العناصر المستجدة (المسلمين الجدد).. ومكاتب الوزارات كانت ملآنة بعناصر يهودية ومسيحية، سواء تحول هؤلاء إلى الإسلام أو لم يتحولوا بعد”.

وفضلاً عن ذلك، فإن العناصر العربية ابعدت عن الإدارة والجيش بعد وصول العباسيين إلى الحكم، لعدم الثقة بإخلاصها للعهد ورجاله. ولم يبق من التراث الذي حمله عرب الجزيرة إلى الخارج، بعد الفتح، سوى اللغة العربية والدين الإسلامي (القرآن والحديث). “إن الفتح العربي كان قصيراً جداً (١١٥ سنة تقريباً)… إذ لم يبق في الجزيرة موجات كافية من الرجال وراء موجة الهجوم العربية الأولى (الفاتحين) لكي تخلفها. فالصحارى العربية ليست أمكنة إختزان للرجال، لكي يحصل تصديرهم إلى الخارج عند اللزوم”، بخلاف الأعداد الغفيرة في الشعوب والقبائل التركية في بلدانها الأصلية.

٥. السنن أو الثوابت التاريخية

Lois ou constants historiques

إن من يدرس تتابع الأحداث التاريخية في بلد ما، بطريقة علمية ومن علو شهيق، باحثاً عن اسبابها ونتائجها وعن تسلسلها المنطقي منذ الأصول، يتبين له وجود حالات “دائمة” أو “ثابتة” ووقائع منتظمة تحصل بصورة “دورية”، تحت تأثير العناصر الجغرافية المحلية والاطباع النفسانية، التي هي ثابتة أو دائمة نسبياً. ويطلق علماء التاريخ على هذه الحالات الدائمة والدورية إسم: “سنن أو ثوابت تاريخية”.

ثابتة تاريخية ايرانية عراقية

إن البادرة العسكرية والسياسية التي قام بها الخراسانيون والإيرانيون، والتي كانت نتائجها تحرير إيران والعراق وسورية ومصر من سيطرة عرب الجزيرة العربية، واحلال سيطرة الإيرانيين مكانها، تحت إسم “دولة الخلفاء العباسيين” في بغداد، هي من الثوابت التاريخية التي تفرضها العوامل الجغرافية المحلية والنفسانية، والتي تتكرر دورياً في تاريخ إيران والعراق، قبل الإسلام وبعده، وحتى في ايامنا الحاضرة.

ففي سنة ٥٣٩ قبل الميلاد، إجتاح قورش، ملك الملوك الفرس، بلدان الشرق الأدنى فقضى على دولة الملوك الكلدانيين في العراق، ودخل عاصمتهم بابل. وظلت السيطرة الفارسية على العراق وسورية ومصر حتى مجيء اسكندر ذي القرنين، الذي أجلى الفرس وحل محلهم في السيطرة على الشرق، من مصر حتى الهند، سنة ٣٣٣ – ٣٣١ قبل الميلاد.

وفي عام ٢٧٥ قبل الميلاد. حصل تقسيم البلدان الشرقية التي جمعتها فتوحات الإسكندر بين القواد خلفائه. فكانت سورية والعراق وإيران حصة القائد سالوقوس. وكانت مصر للقائد بطليموس. وفي عام ٢٥٠ قبل الميلاد، ثأر الإيرانيون البرطيون  Parthes، سكان بلاد “البرط” التي أصبح اسمها “خراسان” فيما بعد، فاستقلوا عن السلوقيين الإغريقيين، الذين انحسروا في العراق وسورية. وسنة ١٣٠ قبل الميلاد، إحتل الإيرانيون البرطيون (خراسانيو المستقبل) العراق، وجعلوا عاصمتهم فيه: مدينة “كتازيفون”، التي بنوها على نهر دجلة. قرب بغداد اليوم. (إن خرائب هذه المدينة الفارسية، التي دمرها القائد العربي خالد بن الوليد سنة ٦٣٧، ساهمت موادها سنة ٧٦٢، في بناء بغداد الإسلامية بشكل فخم).

وظل العراق تحت سيطرة الإيرانيين منذ ذلك الزمن (١٣٠ قبل الميلاد) حتى الفتح العربي الإسلامي سنة ٦٤٢ بعد الميلاد. اي إن سيطرة الإيرانيين على العراق زالت طوال سبعماية وسبعين سنة قبل الفتح العربي. يضاف إليها ثلاثماية سنة تقريباً، سادها نفوذ سياسي إيراني، ثم سيطرة عسكرية ايرانية على العراق، منذ سقوط الخلفاء الأمويين (٧٥٠) حتى قدوم الأتراك السلجوقيين من آسيا الوسطى، فاستولوا على إيران والعراق وسورية وشرقي الأناضول، سنة ١٠٥٥.

إن هذه الثابتة التاريخية الإيرانية العراقية، فرضت على كل من إيران والعراق، وعلى كل من حكمها الوطنيين والأجانب، أن يكونوا في نزاع شبه دائم، فيما بينهم، وكل فريق منهم يسعى إلى السيطرة على بلد الفريق الآخر. إن هذه الثابتة التاريخية هي خاضعة لثابتة جغرافية تجذب دوماً الإيرانيين الجبلين نحو سهول العراق الخصبة والغنية التي يشرفون عليها من جبالهم العالية والقاحلة. وفي هذا الصدد، يظهر لنا التاريخ، منذ أقدم العصور، أن الإمبريالية الإيرانية كانت غالباً هجومية، بينما نلاحظ أن الإمبريالية العراقية كانت غالباً دفاعية تحاول إنقاذ ثروات البلد الزراعية.

وسنشهد ظهور هذه الثابتة التاريخية الإيرانية – العراقية مراراً في العهود المقبلة، حتى زمننا الحاضر.

٦لبنان في العهد العباسي

عامل العباسيون لبنان، كما عاملوا سورية وفلسطين ومصر واعتبروها بلداناً مفتوحة بالحرب. وكان سكان جبل لبنان بأكثريتهم مسيحيين موارنة وشيعة ينعمون بنوع من الحكم الذاتي.

وفي سنة ٧٥٧، بسبب طغيان الولاة العباسيين وظلمهم إضطر مسيحيو لبنان إلى حمل السلاح متحيزين فرصة وجود قوة بيزنطية في منطقة طرابلس. وقد إنتخب جبليو منطقة المنيطرة (شرقي جبيل) زعيماً لهم… واستولوا على قرى البقاع، ثم زحفوا إلى بعلبك. وقد وقعوا في كمين فحلت بهم خسائر كبيرة. وعندما دحروا إلى الجبل، فقدوا حصنهم في المنيطرة. وقبض على العصاة في قراهم وتم تشريد معظم اللبنانيين في الأراضي السورية. وأثارت الأعمال الجائرة هذه احتجاجات الإمام الأوزاعي، فقيه بيروت الشهير”.

أما فلسطين، فكانت منطقة عادية يحكمها مسلمون غير فلسطينيين.

الإمام الأوزاعي

إن الإمام الأوزاعي (٧٠٧ – ٧٧٤) كان غرة مجد في زمنه. فهو مشترع وعالم. ولد في بعلبك، وعاش ومات في بيروت. وقد انتشر إسمه وفاضت شهرته في جميع أنحاء العالم الإسلامي. وتميز أيضاً بسمو أخلاقه وفضائله الإنسانية. وتبع مذهبه الفقهي مسلمو لبنان وسورية والمغرب.

٧سورية والخلفاء العباسيون

ثلاثة تيارات كانت تتحرك في سورية ضد الخلفاء العباسيين وعهدهم: تيار الوفاء للأمويين، يؤيده العرب الفيسيون، الذين سببوا أو أحداثوا ثورة ٤٩٠ – ٧٩٦، ضد الخليفة هارون الرشيد، التي قمعها القائد الإيراني جعفر البرمكي. وتيار مسيحي جبل لبنان ، يرغب في الإستقلال والإنفتاح التجاري على بلدان ما وراء البحر المتوسط، وأخيراً تيار المعارضين “الخوارج”، أو حركتهم التي احبطت سنة ٧٩٤.

٨ذروة المادية والثقافة في بغداد، في عهد العباسيين (٧٥٠ – ٨٤٠)

إن العصر الأكثر لمعاناً في المدينة أو الحضارة في بغداد هو القرن الأول للخلافة العباسية. ففي عهد الخليفة هارون الراشد (٧٨٦ – ٨٠٩) وعهد ابنه المأمون (٨١٣ – ٨٣٣)، وصلت بغداد إلى أعلى ذروة من الإزدهار، وأصبحت أهم مدينة في الشرق. ففي جميع الميادين الثقافية والفكرية والعلمية والأدبية والفلسفية، رفع هؤلاء الخلفاء عالياً جداً المدنية الإسلامية والإنسانية، في زمن كان فيه الغرب يزرح في أدنى درجات التقهقر الثقافي والعلمي. وفي إنتهاء هذا القرن العباسي (٨٤٠)، بدأ الإنحطاط يتسرب إلى المجتمع ودب التفكك والتجزئة في الدولة. وسنرى ذلك في “المنعطف” التالي من هذا الموجز”.

٩ظهور التعصب الديني الإسلامي في الدولة العباسية

بعد وفاة الخليفة المأمون، سنة ٨٣٣، أحس الخلافة العباسيون “أن السلطة الزمنية بدأت تفلت من أيديهم شيئاً فشيئاً. فراحوا يركزون نفوذهم على السلطة الروحية… فأظهر العباسيون غيرة على الدين، وبدأ التعصب ينتشر. وقد أجبر الخليفة المتوكل (٨٤٧ – ٨٦١) غير المسلمين على إرتداء ثياب صفراء اللون… وأمر بهدم الكنائس التي بنيت بعد الفتح العربي… كما صرح الموظفين المسيحيين… وأمر بهدم قبور المسيحيين من امتطاء دواب سوى الحمير والبغال”.

وكانت نتيجة هذه الإجراءت التعسفية، التي كانت تتجدد في الأزمنة التالية، إن نقص تدريجياً عدد الرعايا المسيحيين، الذين راح معظمهم يعتنق الدين الإسلامي جماعة بعد جماعة.

١٠رئيس الحرس التركي تجاوز سلطة الخلفا العباسي فكان السيد الفعلي للدولة في بغداد.

إن النزاعات بين العرب والفرس في بغداد، في عهد الخليفة المأمون (٨١٣ – ٨٣٣)، اوجيت على هذا العاهل أن يكلف حراسته الشخصية قوات مرتزقة، أي مأجورة، مؤلفة، من عناصر تركية، بدل الإيرانية التي صرف النظر عنها بعد سقوط الوزراء الإيرانيين البرامكة من الحكم في بغداد (٨٠٣). وفي عهد الخليفة المعتصم (٨٣٣ – ٨٤٢) أصبح زعماء هذه القوات التركية فعلياً أسياد الدولة فهجر المعتصم العاصمة خوفاً من ثورة ضده في بغداد، وانتقل، مع حرسه التركي، إلى سامرا، وهي بلدة صغيرة تبعد مائة كيلومتر تقريباً شمالي بغداد، وقد ظلت أكثر من نصف قرن (٨٣٦ – ٨٩٢) مركزاً للخليفة ولحراسه الأتراك.

أما الخليفة الواثق (٨٤٢ – ٨٤٧)، إبن المعتصم وخلفه، فمنح رئيس حرسه لقب سلطان، وبعد وفاة الواثق (٨٤٧)، أعلن الحرس، جعفر المتوكل خليفة (٨٤٧ – ٨٦١)، فحاول أن بفرض إدارته على الحرس ويسيطر عليهم. وخلافاً لأسلافه المبشرين سعى إلى إستغلال التعصب الديني كما ذكرنا أعلاه.

وبالرغم من كل ما عمل المتوكل ليتحرر من سيطرة حراسه الأتراك، فقد قتله هؤلاء بإيعاز من ابنه وخلفه المستنصر (٨٦١)، الذي حاول أن يستقل قليلاً، فقتله حراسه الأتراك بعد خمسة أشهر من اعتلائه العرش. ومن سنة ٨٦٢ إلى ٨٧٠، حاول ثلاثة خلفاء أن يستقل من وصاية الحراس الأتراك فكان نصيبهم القتل.

  • المنعطف التاريخي الثالث

إنقسام المشرق الإسلامي. مصر تستقل عن بغداد وتضم فلسطين ولبنان وسورية (٨٧٢ – ٩٦٩)


١تفكك دولة الخلفاء العباسيين. نشوء الدويلات الوريثة

“منذ نشوء الدولة العباسية في بغداد، وخصوصاً في القرن التاسع، أي بعد مضي قرن تقريباً على نشوئها، بدأت هذه الدولة الواسعة الأطراف، تتفتت. فعادت أراضي دولة الخلفاء إلى الحالة التي كانت عليها قبل الإسلام. واستيقظت الشخصية الذاتية القديمة للسلالات العرقية والإثنية ضمن حدودها الطبيعية. فشكلت من جديد دولاً مستقلة. وعاد العالم الإسلامي إلى التركيب القديم الذي كان عليهلة طوال مجرى تاريخ الشرق، مع بعض الإستثناءات النادرة”

ففي سنة ٧٥٦، أي ست سنوات بعد قيام دولة الخلفاء العباسيين في بغداد، استقلت عنها إسبانيا (الأندلس) تحت حكم الأمير الأموي عبد الرحمن الأول (٧٥٦ – ٧٨٨). أحد الأمراء أسرة الخلفاء الأمويين التي كانت قد ازيلت عن الحكم في دمشق سنة ٧٥٠ ، ومن أولئك الخلفاء عبد الرحمن الثالث، في الأندلس، في سنة ٩٢٩، خليفة رسول الله وأمير المؤمنين والنصر لدين الله وفي سنة ٧٨٨، حذا المغرب حذو إسبانيا، ثم بلاد ما وراء النهر، في آسيا الوسطى، سنة ٨٠١، وفي سنة ٨٢٢ تحركت بلاد خراسان في إيران، وانفصلت عن بغداد، مع أنها هي التي اطاحت الخلافة الأموية في دمشق، وقدمت للخلفاء العباسيين في أوائل عهدهم أفضل الأنصار ودامت إليها سنة ٨٧٧ ، فلسطين وسورية ولبنان.

إن هذا التفكك للدولة العباسية، وبالأخص إنفصال مصر عنها وضمها سورية وفلسطين ولبنان، فتح في تاريخ الشرق الإسلامي، وبالأخص في تاريخ الشرق العربي والمتعرب، منعطفاً كبيراً وبداية مرحلة تطور جديدة في تاريخ هذا الشرق الطويل.

وهكذا، “فإن الدولة الكبرى الموحدة (الخلافة العباسية)، التي كانت تمتد بالأمس من تركستان حتى مصر… راحت منذئذٍ تتوزع في عدد من الولايات الصغيرة تعادي الواحدة منها الأخريات” R. Grousset

٢حكام مصر، أتراك مسلمون سنيون يستقلون عن بغداد ويضمون إلى دولتهم فلسطين ولبنان وسورية (٨٧٢ – ٩٦٩)

عهد الطولونيون وهم اتراك مسلمون سنيون (٨٧٢ – ٩٠٥)

في سنة ٨٧٢، نال أحد الضباط الأتراك، من الخليفة العباسي في بغداد، ولاية الحكم في مصر. وهذا الضباط هو أحمد بن طولون. وقد جمع بين يديه كامل السلطات المدنية والعسكرية. ثم كون جيشاً قوياً من الأتراك والزنوج، وبنى، في عاصمته فسطاط (القاهرة القديمة)، جامع إبن طولون الشهير.

وعلى خطى السياسة المصرية التقليدية، قام أحمد، سنة ٨٧٧، باجتياح بلدان فلسطين ولبنان وسورية، التي كانت طبيعة لبغداد، وألحقتها بسلطته. ثم إنفصل رسمياً وسياسياً وعسكرياً عن العباسيين. فاكتفت بغداد بلعن الحاكم أحمد في المساجد.

وامتاز عهد أحمد بن طولون (٨٧٢ – ٨٨٤) وابنه وخلفه خماراوية (٨٨٤ – ٨٩٣) بلغنا والقوى. فكانت مصر دولة مستقلة وقوية، تملك قوة بحرية مرموقة. وفيها تم تشجيع الزراعة والعلوم والفتن والأدب، كما في بغداد. إلا أن الاسراف خوماراويه وتبذيره، كخلفه البعيد الخديوي إسماعيل (١٨٣٨ – ١٨٩٥)، افقر البلد. وفي سنة ٨٩٦، قتل خوماراوية في دمشق، تاركاً الحكم للأولاد صغار صار عزلهم سنة ٩٠٥، وعادت مصر وسورية إلى الخضوع لبغداد.

عهد الأخشيديين وهم اتراك مسلمون سنيون (٩٣٠ – ٩٦٩)

وفي سنة ٩٣٥، نال ولاية مصر، من الخليفة في بغداد، ضابط تركي آخر،هو محمد بن طنج (٩٣٥ – ٩٤٦)، مؤسس الدولة والسلالة الإخشديتين في وادي النيل (٩٣٥ – ٩٦٩). وكان لبقاً وشجاعاً في الإدارة والحكم. فسانده الشعب المصري الذي تذوق الإستقلال في عهد.

والآن، وبمناسبة إستقلال مصر الطولونية، ثم الإخشيدية عن دولة الخلفاء العباسيين في بغداد، وأسراعها بالاستيلاء على بلدان سورية ولبنان وفلسطين، تظهر لنا “ثابتة تاريخية” مصرية، عراقية، تفرضها أيضاً العوامل الجغرافية والنفسانية، فتدفع حكام مصر والعراق، الوطنيين أو الأجانب، كلاً من جهته، كما كانت تدفع، منذ العصور القديمة، ملوك مص الفراعنة والبطالسة وخلفائهم في وادي النيل، من جهة، وملوك بابل ونينوى وحلفاءهم في العراق، من جهة ثانية، إلى نزاع شبه دائم بسبب إستيلاء كل منهم أو رغبته في الإستيلاء على الممر الجغرافي الذي يوصل بينهم، أي على سورية ولبنان وفلسطين، من أجل إنشاء الإمبراطورية الشرقية الكبيرة l’Empire d’Orient التي عرفها التاريخ مراراً، والمسماة اليوم “الوحدة العربية”، لمصلحة أحد البلدين الكبيرتين “مصر والعراق”، كما حصل ذلك مراراً قبل الإسلام، وكما سنرى في العهود المقبلة وحتى في الزمن الحاضر.

وعن العوامل الجغرافية التي تدفع كل من مصر والعراق إلى الإستيلاء على الممر السوري اللبناني الفلسطيني أو إلى الرغبة الشديدة والإستعداد الدائم للقيام بهذا الإستيلاء، يقول علماء الجغرافيا البشرية: إن العراق، كمجتمع قومي وسياسي مستقل، لا يمكنه أن يعيش عبثاً طبيعياً ومستمراً إلا إذا تمكن من تنفس هواء البحر المتوسط. وللوصول إلى هذه الغاية، عليه أن يستولي على سورية التي تفصله عن هذا البحر، وهنا تتحرك ردات الفعل من قبل مصر التي تعتر بحق أن قيام دولة موحدة من بلدان الهلال الخصيب على حدودها الشرقية يشكل خطراً على أمن وادي النيل وسلامته، وهذا ما يثبته التاريخ، فوقائعه، منذ فجره توضح ان الغزوات الأجنبية التي كانت مصر ضحية لها، أتت جميعها تقريباً عن طريق فلسطين وصحراء سينا.

وفي هذا الصدد قال الكاتب والمفكر المصري المعروف طه حسين، في كتابه “مستقبل الثقافة في مصر”: “فلم يأت القرن الرابع للهجرة حتى قام العالم الإسلامي مقام الدولة الإسلامية، وحتى ظهرت القوميات، وانتشرت في البلاد الإسلامية كلها دول كثيرة، يقوم بعضها على المنافع الطولونيين، ونجح خلال سنتين بترسيخ قوته وسلطانه في مصر. فمنحه الخليفة الرضي (٩٣٧)، بناءً لطلبه، لقباً أميرياً هو “أخشيد”، لقب ملوك فرغانا القدماء، مسقط رأس محمد في آسيا الوسطى.

٣ثابتة تاريخية مصرية – عراقية

ذكرنا، في المنعطف الثاني من هذا الموجز التاريخي، بمناسبة ثورة الإيرانيين وانتصارهم على دولة الخلفاء الأمويين في دمشق، وسيطرتهم على دولة الخلفاء العباسيين في بغداد، ظهور “ثابتة تاريخية” ايرانية – عراقية، تفرضها ثوابت جغرافية دائمة نسبياً، تدفع كل من إيران والعراق، أو حكام هذين البلدين الوطنيين والأجانب إلى أن يكونوا، خلال تاريخهم الطويل في نزاع شبه دائم فيما بينهم، بسبب رغبة كل فريق في السيطرة على بلد الفريق الآخر وبينا أسباب هذه الثابتة.

الإقتصادية والوحدات الجغرافية، ويقوم بعضها الآخر على ألوان أخرى من المنافع، تختلف قوة وضعفاً باختلاف الأقاليم والشعوب، وحظ هذه الأقاليم والشعوب من قوى الشخصية والقدرة على الثبات والمقاومة.

“وكانت مصر من أسبق الدول الاسلامية إلى إسترجاع شخصيتها القديمة التي لم تنسها في يوم من الأيام… والتاريخ يحدثنا كذلك بأن رضاها (مصر) عن السلطان العربي بعد الفتح لم يبرأ من السخط، ولم يخلص من المقاومة والثورة، وبانها لم تهدأ ولم تطمئن إلا حين أخذت تسترد شخصيتها المستقلة في ظل إبن طولون. وفي ظل الدول المختلفة التي قامت بعده” أي الإخشيديين والفاطميين وغيرهم من بعدهم.

٤حلب إمارة عربية (٩٤٤ – ١٠٠٢)

الأمير العربي الحمداني سيف الدولة

في سنة ٩٤٤، ظهر الأمير العربي الحمداني سيف الدولة (٩٩٤ – ٩٦٧)، من العرب التغليين في شمالي العراق، فانتزع مدينة حلب من حكام مصر الإخشيديين. وبذلك أصبحت حلب، للمرة الأولى منذ بدء الإسلام، عاصمة دولة ومقراً لحاكم مستقل، وغدت تكن للأمير الحمداني الإعجاب الذي تخصه به التقاليد التاريخية… وفي سنة ٩٦٢، قام (الإمبراطور البيزنطي) نيسيفور فوكاس… بالإستيلاء على المدينة بالقوة… وتركها في حالة خراب مريع… ولم تنهض من هذه النكبة إلا بعد حقبة طويلة من الزمان”.

وبالإتفاق مع الإخشيديين في مصر، إمتد حكم سيف الدولة، جنوباً في سورية الشمالية، حتى حمص. أما دمشق ولبنان وسورية وفلسطين، فظلت طبيعة لإخشديي مصر، وعلى الحالة التي كانت فيها في عهد الطولونيين.

الفاطميون يحتلون وادي النيل ويحلون محل الإخشيديين (٩٦٩)

في سنة ٩٦٩، قضدت جيوش الخلفاء الفاطميين، الآتية من أفريقيا الشمالية (تونس)، على الدولة الإخشيدية المصرية السنية، فحلت محلها دولة الخلفاء الفاطميين، وهم فرع من الشيعة.

20150410_203718

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *