خطط للتقسيم، اقربها للتنفيذ.. معقدة
بقلم حسان الخوريتصطدم فكرة التقسيم اخيراً بأهم الركائز التي قامت عليها دعوة “القوميين اللبنانيين” التي لخصها جواد بولس بقوله ان لبنان كتكوين سياسي وقومي انما هو وليد الجغرافيا والتاريخ، فهو الحصيلة الحالية لتطور الشعوب التي عاشت في هذه البلاد منذ زمن ما قبل التاريخ. وارضه التي تؤلف جغرافية طبيعية عملت دون انقطاع لجعله كياناً جماعياً واقليمياً متميزاً من مجتمع قومي وطني متجانس الى حد ما، بحيث تتحقق وحدته السياسية، غالباً، بارادة الجماعات الطائفية او الاجتماعية المختلفة التي تؤلفه بصرف النظر عن الجنس او الدين”.
فالقوميون اللبنانيون يعتبرون ان “للبنان واجهتان تجعلان منه في وقت واحد بلداً برياً وبحرياً وشرقياً ومتوسطياً. فكون لبنان بلداً قارياً ملتحماً جغرافياً بالشرق الاسيوي يجعله مشدوداً الى هذا الشرق بروابط طبيعية لا يمكن تحطيمها. فمن هذه الناحية هو قاري شرقي واسيوي، ولكونه من الناحية الجغرافية والاقتصادية والثقافية والتاريخية قطعة من الخارطة السياسية والعسكرية للشرق العربي هو جزء مكمل من الشرق المتوسطي”.
ان المارونية كما وصفها احد المفكرين اللبنانيين هي هوية سياسية بقدر ما هي هوية طائفية.
ومن هنا ان موقف بعض الزعامات المارونية الراهنة المعارضة للتقسيم لا تشكل حجر عثرة. فالبطريرك الماروني انما يعكس وجهة نظر روما، وليس موقف الطائفة المارونية وذلك لاعتبارات متعددة في مقدمتها الظروف التي رافقت انتخابه، فقد كان معروفاً ان الكرادلة المسكونيين في روما دعموا ترشيحه بينما عارضه عدد من الزعامات المارونية، والبطريرك يحاول في الموقف الذي يتخذه حالياً رد الجميل لاصدقائه في الفاتيكان من ناحية وتصفية حساباته مع معارضيه من ناحية ثانية.
كما ان مواقف بعض الزعامات المارونية عرضة للتبدل في المدى القريب وسيتم هذا التحول لدى وصول هذه الزعامات الى درجة من اليأس تجعل اختيارها للتقسيم امراً لا مفر منه وقد لوحظت بوادر هذه النزعة منذ الآن في تصريحات عدد منهم. فالشيخ بيار الجميل مثلا الذي اعلن بأنه سيعارض التقسيم حتى آخر نقطة من دمه لم يفته ان يشير في الوقت نفسه ان كل محاولة لاتنزاع ضمانات المسيحيين او بعضها بالعنف او بالترهيب تشكل محاولة تقسيم صريحة على الاقل او.. مدرجة الى التقسيم.
التقسيم لن يتم الا بموافقة جميع الأطراف المعنية، وستجد الاطراف الاخرى ان لها بدورها مصلحة في حدوثه، خاصة وانه في طبيعته ليس عملية انفصال كاملة ستقطع اثرها جميع الجسور والصلات مع المناطق الاخرى وانما يجب النظر اليه كتدبير اداري يعيد تنظيم البلاد على اسس جديدة، تنتفي بموجبها اسباب التوتر والتنافر التي ادت الى الازمة الراهنة، ويمكن عبرها فقط، التوفيق بين سيادة الوطن وممارسته لها وبين المنطق الثوري الرامي الى استرجاع الوطن السليب، وكلاهما مبدآن شرعيان لا غبار عليهما وتتفق على سلامتهما وضرورتهما الاطراف كافة. يضاف الى ذلك النظام الاقتصادي الحر الذي سيعتمد الى جانب المبادرة الفردية سيجعلنا قريبين جداً مع الانظمة المجاورة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *